كلمة سموه في المناقشة المفتوحة لمجلس الأمن على مستوى القمة حول التهديدات للسلم والأمن الدوليين
فخامة الرئيس باراك أوباما،
أعضاء مجلس الأمن،
أود أن أتوجه لفخامة الرئيس أوباما بالشكر على عقد هذا الاجتماع الهام، الذي آمل أن يعزز بثقله التعاون والتنسيق الدولي والجهد الجماعي للتصدي لظاهرة المقاتلين الإرهابيين الأجانب بشكل خاص، وسائر مظاهر الإرهاب الدولي. ولذلك حرصنا على المشاركة فيه.
السيد الرئيس،
ثمة اتفاق يسود المجتمع الدولي على تشخيص الإرهاب كخطر داهم، وضرورة التصدي لهذه الظاهرة كأولوية. وقد نالت شعوب منطقتنا نصيبا مؤسفا من المعاناة من الإرهاب، بما هو استهداف للمدنيين الأبرياء والمؤسسات المدنية وبث للرعب لأهداف سياسية.
وسبق أن قلت اليوم في الجمعية العامة إنه لا توجد حضارة في العصر الحديث إلا وعانت من الإرهاب اليساري أو اليميني أو الديني. ومن الخطأ المميت ربط هذا النوع من العنف السياسي بثقافة أو دين أو قومية بعينها. ولا شك أن عبور الإرهاب للحدود، واستخدام وسائل الاتصال والتكنولوجيا الحديثة يساهمان في انتقال هذه الآفة، ما يجعل التصدي لها مستحيلا بدون تكاتف دول عديدة وتعاونها في مواجهته.
وإننا في دولة قطر نعتبر أنفسنا جزءا من التعاضد الدولي في مواجهة الإرهاب، نحن ملتزمون بالتصدي له على المستوى الوطني، وكذلك على المستوى الدولي من خلال التفاعل مع الجهود الدولية لمكافحته.
السيد الرئيس،
لا مناص من الاستجابة الأمنية، وحتى العسكرية العاجلة، للخطر الداهم الذي تمثله الجماعات الإرهابية التي تجند وتنقل المقاتلين الإرهابيين عبر الحدود الدولية. ولكن الاستنفار الآني والعاجل والملح لا يجوز أن يجعلنا نهمل ظروف نشأته وأسبابه ودوافعه.
يفترض أن يكون الإرهاب ظاهرة استثنائية. ولكن انتشار حركات إرهابية إلى درجة السيطرة على أراض وسكان في بلد من البلدان ليس ممكنا إلا بغياب الدولة وفشلها والفراغ الأمني الناجم عنه، أو حين تتحول الدولة إلى مجرد أداة قمع وقتل لا تترك أي متنفس للكلام والحوار للقوى المدنية السياسية، ولا تفسح مجالا، لا للإصلاح السلمي التدريجي، ولا للثورة المدنية. فثمة أنظمة أصبحت عبارة عن إرهاب شامل منظم يشن حروب إبادة ضد شعبها.
وإن كان للجهود الرامية إلى القضاء على الإرهاب أن تؤتي ثمارها، فلا بد من عودة الدولة إلى دورها كإطار جامع يضمن الأمن والاستقرار من دون أن يصبح مجرد أداة قمع. لا بد من محاربة الإرهاب ولا يمكن الانتظار أن يقتل المزيد من البشر، ولكن لا يمكن الانتصار عليه بدون تجنيد المجتمعات المتضررة ذاتها ضده. ومن أجل ذلك لا يجوز أن تخير المجتمعات بين الإرهاب والاستبداد الدموي كما في سورية، أو بين الإرهاب والاقصاء الطائفي الثأري الطابع كما كان الحال في العراق.
السيد الرئيس،
في سياق مكافحة الإرهاب لا بد من التذكير بما يلي:
- لقد تعلمنا من الخبرات السابقة أن العمل العسكري وحده ليس سبيلا لحل كافة المشاكل. ولا بد أن يأتي في سياق حلول سياسية تفتح أفقا لمستقبل أفضل. فالعنف يولد العنف إذا لم يكن جزءا من حل سياسي شامل.
- تحظى السياسة بعمق شعبي إذا حظيت بمصداقية، وإذا لم تكل بمكيالين. يجب أن يكون الموقف من استهداف المدنيين بالقتل هو نفسه إذا قامت به دولة استبداد، أو دولة احتلال، أو تنظيم إرهابي. لا يجوز أن يسود انطباع أن المجتمع الدولي يظهر العجز عن مواجهة سياسة قتل مئات الآلاف من المدنيين، ثم يستنفر بسرعة في سياق آخر. أعرف أنه يوجد دائما تفسير وتبرير، ولكني أخشى أن هذا هو الانطباع الذي يتولد عند الشعوب.
- التصدي للإرهاب ليس تفويضا مطلقا باتخاذ أي إجراء دون الالتزام بالقانون الدولي وحقوق الإنسان والحريات الأساسية. فلا يجوز أن يعاقب المدنيون الأبرياء مرة من الإرهاب وأخرى عند مكافحة الإرهاب.
وختاما،
نعيد التأكيد على دعمنا لكافة الجهود المبنية على الإجماع الدولي لوضع حد لظاهرة المقاتلين الإرهابيين الأجانب، والإرهاب بكافة مظاهره وأشكاله وبغض النظر عن مبرراته.
وشكرا لكم.