بسم الله الرحمن الرحيم
أصحاب الفخامة،
السيدات والسادة،
الحضور الكرام،
يطيب لي في مستهل كلمتي أن أرحب بكم في الدوحة وأن أعرب عن جزيل الشكر لأصحاب الفخامة وممثلي الدول الأعضاء لتلبيتهم الدعوة لحضور القمة الأولى لمنتدى الدول المصدرة للغاز، الذي أصبح أحد أهم الملتقيات التي تجمع صانعي القرار والخبراء المختصين لمناقشة القضايا المتعلقة بصناعة وتجارة الغاز الطبيعي وبحث وسائل النهوض بها سعيا لتعزيز مكانة هذا المورد كمصدر حيوي للطاقة النظيفة في العالم.
السيدات والسادة،
لا يزال الوقود الأحفوري يحظى بالحصة الأكبر من مزيج الطاقة الكلية المستهلكة عالمياً، وسيستمر هذا الوضع على الأرجح خلال المستقبل المنظور. من هذا المنطلق فالتحديات المتزايدة أمام هذه الصناعة لا تتمثل فقط في تلبية الطلب المتزايد على الطاقة، بل تمتد لتشمل الجوانب البيئية والاجتماعية والاقتصادية في الدول المصدرة والمستوردة معاً، وذلك بسبب ارتباط الطاقة بتلك الجوانب بشكل متعاظم وتأثير كل منها على الآخر.
إن هذه التحديات المتجددة والمتصاعدة تحثنا على البحث عن حلول مبتكرة ومتنوعة قابلة للتطبيق بشكل اقتصادي يضمن مصلحة المستهلكين والمنتجين معاً. وكما تعلمون، فإن استغلال الموارد الهيدروكربونية لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، له انعكاسات سلبية على البيئة، إلا أن الغاز الطبيعي بالمقابل يحظى بميزة تفضيلية على سائر أنواع الوقود الأحفوري، وذلك لكونه أحد أهم مصادر الطاقة النظيفة.
هذه الميزة أدت إلى انتشار استخدام الغاز الطبيعي بشكل متزايد خلال السنوات الأخيرة في توليد الكهرباء والصناعات البتروكيماوية والمعدنية والاستهلاك المنزلي، ولكن هذا الانتشار على إنجابيته الكبيرة لم يؤد إلى تخفيض في الفروقات بين أسعار النفط والغاز على أساس القوة الحرارية المكافئة لا بل على العكس من ذلك فقد ازدادت هذه الفروقات بينهما في الآونة الأخيرة.
السيدات والسادة،
لقد تأسس هذا المنتدى لحماية مصالح مصدّري الغاز أسوة بما تلقاه صناعة الفحم والنفط من حماية ودعم من أطراف متعددة. ولذا فعلينا أن نعمل بجدية لتحقيق هذه المصالح بدون أن يؤثر ذلك سلبا على مصالح مستهلكي الغاز.
فمن غير المعقول أن تزداد الفروقات بين أسعار النفط والغاز لصالح الأول بالرغم من المزايا الحرارية والبيئية التي يتمتع بها الثاني. ولذا على مصدّري الغاز ألا يتخلوا عن مطلبهم العادل بأسعار غاز معادلة للنفط والعمل بكافة الوسائل لتحقيق هذا المطلب.
ونحن هنا لا نتكلم عن التحكم بالإنتاج وإنما عن وسائل أخرى، كتطوير ودعم التقنيات التي تزيد من مجالات استخدام الغاز، وتعزيز مناصرة استخدام الغاز في المحافل الدولية والإقليمية، والتأثير على القوانين التي تدعم استخدامات الغاز، والعمل على إصدار قوانين تأخذ بعين الاعتبار المزايا البيئية للغاز، وتبادل المعلومات عن الأسواق، والمساعدة الفنية والمالية والترويج لتطوير أسواق جديدة.
وعلى سبيل المثال فإن التوسع في استخدام الغاز المسال أوجد حلاً مثالياً لإشكالية تباعد أسواق استهلاك الغاز عن مناطق الإنتاج كما هي الحال في أسواق دول شرق آسيا، وإشكالية الاعتماد المكثف على جهة واحدة لسد احتياجات الاستهلاك كما هي الحال في الأسواق الأوروبية.
هذا وقد أسهم الغاز الطبيعي في فتح أسواق جديدة في الصين والهند، وفي زيادة استهلاك الغاز في أوروبا ومناطق أخرى من العالم.
وبالمقابل فإن ارتفاع أهمية دور الغاز المسال يتطلب زيادة كبيرة في حجم الاستثمارات الرأسمالية في جميع مراحل إنتاجه ومعالجته وتصديره، وتغييراً جوهرياً في طبيعة العقود التي تحكم عمليات بيعه وشرائه. ولذا فهناك ضرورة لتعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية الطويلة الأمد بين كافة الأطراف ذات العلاقة بهذه المراحل.
لا بد لي هنا من أن أركز على ثلاث نقاط رئيسة:
أولاً: إن تكافل وتعاضد جميع أعضاء هذا المنتدى أمران ضروريان لتحقيق أهدافه. وإن عدم الالتزام بذلك من قبل بعض الأعضاء سيؤثر بشكل سلبي على مصالح جميع الأعضاء وخاصة الكبار منهم.
ثانياً: نريد طمأنة مستهلكي الغاز بأن حماية مصالح مصدّريه لا تعني أبدا أنها ستكون على حساب مصالح مستهلكيه. فنحن ندعو إلى الحوار البنّاء معهم بالتشاور وتبادل المعلومات من أجل العمل على تطوير الغاز واستخداماته لما فيه مصلحة الجميع.
ثالثاً: لقد قيل عن مستوردي الغاز في السابق بأنهم أعضاء في منتدى للأغنياء، وقد عملنا قدر الإمكان على تغيير ذلك بفتح أسواق جديدة، ونحن لا نريد الآن أن يقال عن منتدى مصدّري الغاز بأنه منتدى لكبار المصدرين، فالمنتدى يرحب بأي مصدر للغاز يرغب في الانضمام له لا بل يشجع ذلك.
الحضور الكرام،
إن الرؤية الوطنية لدولة قطر 2030 ارتكزت على عدة محاور منها تحقيق التنمية الاقتصادية والتنمية البيئية، لذا فنحن نسعى لتطوير اقتصادنا ليكون اقتصاداً متنوعاً تنافسياً وأكثر انسجاماً مع متطلبات الحفاظ على البيئة وحمايتها من التلوث، وهذا ما سوف يتحقق من خلال عدة وسائل منها الاستغلال الأمثل للغاز الطبيعي كمصدر للطاقة النظيفة.
إننا لا يساورنا أي شك في قدرة الدول الأعضاء في هذا المنتدى على حماية مصالحهم ومتابعة دورهم الهام في بحث سبل تنمية أسواق الغاز العالمية، ولعب دور فاعل في تطوير آليات عمل هذه السوق.
الحضور الكرام،
من الواضح أن هناك أسئلة متزايدة حول أمن الطاقة بوجه عام والغاز الطبيعي بوجه خاص، وأتوقع أن يقدم المشاركون في هذه القمة رؤى قيمة ستثري هذا اللقاء من خلال مناقشة المواضيع ذات الصلة واقتراح سبل تعزيز مكانة صناعة الغاز.
وآمل أن تكون هذه القمة فرصة طيبة لنا جميعاً لاستكشاف المزيد من آفاق التعاون والتنسيق بين الدول الأعضاء من أجل الارتقاء بصناعة الغاز.
ختاماً، أتمنى لكم جميعاً قمة مثمرة، وإقامة طيبة في الدوحة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.