بسم الله الرحمن الرحيم
أصحاب الفخامة،
أصحاب المعالي والسعادة،
الحضور الكرام،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
يطيب لي في البداية أن أرحب بكم أطيب ترحيب في بلدكم الثاني قطر في هذه المناسبة السعيدة، مناسبة السلام والأمن والاستقرار في دارفور وفي مجمل السودان الشقيق إن شاء الله.
لقد بدأت عملية الدوحة لسلام دارفور، كما تعلمون، أواخر عام 2008 في إطار اللجنة الوزارية العربية الإفريقية حول دارفور.
وقد عملت دولة قطر منذ البداية بالتعاون الوثيق مع الوسيط المشترك للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة سعادة السيد جبريل باسولي، من أجل الوصول إلى حل دائم وعادل وشامل لهذا النزاع المزمن، والذي استنزف الطاقات المادية والمعنوية لشعب شقيق، هو شعب السودان، والذي شكل مدخلاً لمطامع من لا يريدون الخير لهذا البلد.
ولا يخفى عليكم التحديات والصعاب التي واجهت الوساطة منذ أول يوم وأهمها انقسام الحركات الدارفورية وعدم اتفاقها على موقف تفاوضي واحد، مما أخر كثيراً من الوصول إلى حل مبكر للنزاع، ولكن وبفضل الله ومساهمة شركائنا الإقليميين والدوليين استطاعت الوساطة أن تحقق بعض الإنجاز في درب توحيد الحركات ومن ذلك قيام حركة التحرير والعدالة التي ستوقع اليوم اتفاقية مع حكومة جمهورية السودان إيذاناً بوضع لبنات السلام الدائم في دارفور.
ولقد بذلت الوساطة من أجل ذلك كل الجهود الممكنة لتحديد الأسباب الجذرية للصراع، ودعوة جميع الحركات وبدون استثناء للانضمام لركب السلام، وتنظيم المؤتمرات التي تهيئ لأهل دارفور الفرصة في طرح تصوراتهم للحل والمشاركة في صنع السلام.
الحضور الكرام،
لقد سارت المفاوضات بين الأطراف جنباً إلى جنب مع المشاورات مع أهل دارفور في عملية تكاملية دون أن يكون أحدهما بديلاً عن الآخر، ورأت الوساطة في آخر المطاف أن تجمع نتاج كل هذه الجهود في وثيقة تكون أساساً للحل النهائي للنزاع ويتراضى عليها الجميع. وبالفعل تم إعداد الوثيقة واعتمدها ورحب بها أهل دارفور في المؤتمر الموسع لأصحاب المصلحة الذي انعقد هنا في الدوحة في أواخر شهر مايو الماضي والذي شارك فيه الشركاء الإقليميون والدوليون بمن فيهم أعضاء اللجنة الوزارية العربية الأفريقية والمبعوثون الخاصون للسودان للدول دائمة العضوية في مجلس الأمن والاتحاد الأوروبي والشركاء الآخرون.
ولقد حظيت الوثيقة بالترحيب والدعم من العالم بجميع مكوناته بما في ذلك الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي والاتحاد الأفريقي والجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والاتحاد الأوروبي ودول ومؤسسات أخرى، والتي دعت جميع الأطراف إلى الإسراع بتوقيع اتفاقيات سلام ترتكز على ما جاء في الوثيقة من تسوية حتى يستطيع المجتمع الدولي أن يلتفت إلى القضايا التي انتظرها طويلاً أهل دارفور وعموم السودان والمتمثلة في الاستقرار والإعمار والتنمية.
إن توقيع حكومة جمهورية السودان اليوم لاتفاقية سلام مع حركة التحرير والعدالة على أساس وثيقة الدوحة لسلام دارفور يعتبر بداية مباركة لترسيخ السلام في دارفور، وهي دعوة صادقة لجميع الحركات أن تسير في ذات الدرب وأن لا تتخلف عن المساهمة في شرف صنع السلام واستدامته.
لقد آن الأوان أن تنعم دارفور وأهلها بالاستقرار بعد طول عناء، وأن يتمكنوا من العودة إلى ديارهم وممارسة حياتهم الطبيعية في ظل توفر المقومات الأساسية للحياة الكريمة.
إننا في دولة قطر وبالتنسيق مع شركائنا الإقليميين والدوليين حريصون على أن نرى أهلنا في دارفور والسودان عموماً ينعمون بالأمن والاستقرار، وهما شرطا التنمية والرخاء. ونحن لن ندخر جهداً في سبيل ذلك، ولكننا في الوقت ذاته نناشد الجميع أن يغلبوا مصلحـة شعبهم، مصلحة أهل دارفور خاصة وأهل السودان عامة، وأن يشاركوا جميعاً في صنع سلام حقيقي يعبر عن إخلاصهم لوطنهم ووضع مصلحته فوق كل اعتبار.
في هذه المرحلة من تاريخ منطقتنا يرتفع صوت الشعوب، وتفرض مصلحة الشعوب ذاتها، ويحسن السياسيون صنعاً إذا استمعوا إليها مبكراً. والشعوب في منطقتنا قالت كلمتها أنها تريد العدالة والحرية، ولم تقل أنها تريد النزاعات الأهلية البغيضة، فهذه يجب أن نضعها خلفنا.
وفي الختام نود أن نتقدم بالشكر لكل من ساهم في تحقيق هذا الإنجاز ونخص بالشكر حكومة جمهورية السودان والأطراف المشاركة في مفاوضات السلام وبعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي لدارفور برئاسة سعادة السيد إبراهيم قمباري واللجنة الوزارية العربية الأفريقية وشركاءنا الدوليين، كما نخص بالشكر سعادة السيد جبريل باسولي وزير خارجية بوركينافاسـو، والذي عمل كوسيط مشترك للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة على صبره ومثابرته وجهوده المخلصة.
ولا بد من توجيه الشكر أيضاً لسعادة الأخ أحمد بن عبدالله آل محمود، وزير الدولة للشؤون الخارجية على ما بذله من جهد حثيث ومتواصل أسهم في تحقيق هذا الإنجاز.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.